يستعيد النائب والوزير السابق مروان حمادة الذكريات عن عهد الأسدين الطويل في لبنان، ويُحدثنا عن محطات شائكة مع النظام السوري.
على مدى نصف قرن، عاش لبنان في ظل حكم الأسدين الطويل في سوريا . أمسكت دمشق بالمصير ال لبنان ي وساهم عهدها الطويل ب لبنان في إنتاج رؤساء وزعماء كما ساهم في شطب رؤساء وزعماء. في 22 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، زار وفد درزي لبنان ي برئاسة وليد جنبلاط « سوريا الجديدة». كان النائب والوزير السابق مروان حمادة في عداد الوفد. استوقفه المشهد. يجلس الرئيس أحمد الشرع على الكرسي الذي كان يجلس عليه حافظ الأسد وابنه بشار من بعده في «قصر الشعب» الذي ساهمت شركة رفيق الحريري في بنائه.
إبان الرحلة تذكر حمادة مصير رجال عاندوا أسداً أو اثنين وبينهم كمال جنبلاط وبشير الجميل ورينيه معوض ورفيق الحريري وسائر أعضاء القافلة. ضاعف من الذكريات أن حمادة نفسه نجا بأعجوبة في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2004 من محاولة اغتيال أدمته وقتلت حارسه وجرحت سائقه. وساد يومها انطباع أن المحاولة كانت رسالة موجهة في الوقت نفسه إلى وليد جنبلاط ورفيق الحريري الذي يحيي أنصاره ذكرى اغتياله في 14 فبراير (شباط) 2005. زارت «الشرق الأوسط» حمادة المقيم منذ منتصف الثمانينات في مكتبه بصحيفة «النهار»، وسألته عن محطات لبنانية شائكة مع الأسدين. تذكر حمادة قول حافظ الأسد أمامه: «انسوا بشير» الجميل، واغتيال الرئيس المنتخب بعد 4 أيام من هذا الموقف، علماً أن منفذ الاغتيال يدعى حبيب الشرتوني الذي ينتمي إلى الحزب القومي السوري القريب من نظام الحكم في دمشق. لم يبرئ حمادة النظام السوري من اغتيال الرئيس رينيه معوض وقبله إخفاء الإمام موسى الصدر وصولاً إلى اغتيال الحريري. سألته إن كان توقع فرار بشار الأسد وسقوط نظامه، فأجاب: «كنت ربما أتوقع أن يجري انقلاب معين. أي أن تتمرد وحدة من وحدات الجيش السوري كالفرقة الرابعة وتخرج على سلطة قائدها شقيقه ماهر الأسد. وقلت ربما يحركها الحرص على الدولة السورية الخاضعة للنفوذ الإيراني. لم أكن أتوقع هذا الانهيار الكامل الذي بدت بوادره في عدم الرد على إسرائيل على مدى أكثر من سنة. لم يصدر بيان عن غزة ولا قبل ذلك. غارات يومية على سوريا ولا رد». تشعر أن هناك شيئاً أفرغ من الداخل. ما هو؟ لا أعرف. كنت أعرف بشار الأسد. آخر مرة رأيته كانت قبل محاولته هو وغيره اغتيالي بشهر. كنت وزير اقتصاد وحضرت افتتاح معرض دمشق الدولي. كنت على يمينه والعلاقات طبيعية بين لبنان وسوريا. إلا أن الصراع على التمديد لإميل لحود كان قد بدأ، وهو أصر على فرض هذا التمديد على رفيق الحريري ووليد جنبلاط، وحتى - استطراداً في مكان ما - على نبيه بري. والحقيقة أن المشكلة لم تبدأ مع الأسد الابن. كان النظام السوري مهتماً دائماً بالسيطرة على قرارين حتى لا نقول جغرافيتين: القرار اللبناني المستقل والقرار الفلسطيني المستقل، وهذا هو سر العداء المستمر لقيام دولة متماسكة في لبنان. طبعاً أن يكون لبنان مقاطعة أو محافظة غربية لسوريا، هو حلم سبق الأسدين، ولم يكن هذا في ذهن حزب «البعث» فقط. كنا نشعر من الأنظمة السورية بأن شيئاً ما لم يتم هضمه في سوريا هو اقتطاع هذه الأقضية سنة 1920 من قبل فرنسا لإعلان جمهورية لبنان الكبير. وهذا الأمر كنا نشعر به ليس فقط عند العلوي. وربما العلوي، على العكس، كان يمكن أن يكون جزءاً من عملية التقسيم، أي أعطوا هذا القسم للدروز، وهذا القسم لغيرهم. ولكن في العمق السوري هناك شيء. حتى لدى الذين يعتبرون دائماً أن دمشق هي قلب العروبة النابض وأن سوريا هي العروبة المتجسدة على تخوم الإمبراطورية العربية و(يصفون أنفسهم بأنهم) حماة الثغور، كنت تشعر أيضاً بهذا الشيء. وكنت أشعر بهذا الشيء بالتفصيل. مثلاً، عندما نفتح موضوع اتفاق الطائف. وقبل هذا الاتفاق، «الاتفاق الثلاثي» الذي كنت أحد الذين اشتغلوا عليه. طبخت هذا الاتفاق مع ألد أعدائي آنذاك: إيلي حبيقة الذي كان يمثّل «القوات اللبنانية»، مع ميشال سماحة الذي اشتهر لاحقاً بقصة القنابل الآتية من عند المسؤول الأمني السوري علي مملوك، وأسعد شفتري رئيس المخابرات في «القوات اللبنانية» مع حبيقة، ومحمد عبد الحميد بيضون الذي كان ممثلاً للرئيس نبيه بري وحركة «أمل» وكان نافذاً آنذاك، علماً بأنه يساري قديم والتحق بالحركة. ما حصل معه أتى في إطار النزوح التدريجي الذي شهدناه من اليسار ومن القوى التي كانت دائماً مع «فتح» والفلسطينيين نحو «أمل»، ثم «حزب الله». جاء «الاتفاق الثلاثي» نتيجة فشل مؤتمري جنيف ولوزان للحوار الوطني وقد نجحا فقط في إسقاط اتفاق 17 مايو (أيار) اللبناني - الإسرائيلي الذي كان حافظ الأسد يسميه «اتفاق الإذعان». وقد أدى الاتفاق إلى الهجوم المضاد على النظام اللبناني وعلى (الرئيس) أمين الجميل وعلى القوة المتعددة الجنسيات، بدعم من الاتحاد السوفياتي بقيادة يوري أندروبوف. جاء نتيجةَ رفض المؤسسة اللبنانية، خصوصاً المارونية، التخلي عن صلاحيات رئاسة الجمهورية وتوزيعها بين السلطة التشريعية والسلطة الإجرائية أي مجلس الوزراء. بعد ذلك، كان التركيز على هذا الأمر إلى أن وصلنا إلى «الاتفاق الثلاثي» الذي كان أول مبادرة مشتركة بين الرئيس رفيق الحريري الذي لم يكن تولى آنذاك رئاسة الحكومة - وكان وسيطاً سعودياً - وبين السيد عبد الحليم خدام نائب رئيس الجمهورية السورية. كان الهدف من الاتفاق الوصول إلى اتفاق بين الميليشيات بدل الاتفاق بين النواب، ولذلك سُمّي «الاتفاق الثلاثي»
لبنان سوريا حافظ الأسد بشار الأسد مروان حمادة وليد جنبلاط اتفاق الطائف الحزب البعث نظام الحكم
المملكة العربية السعودية أحدث الأخبار, المملكة العربية السعودية عناوين
Similar News:يمكنك أيضًا قراءة قصص إخبارية مشابهة لهذه التي قمنا بجمعها من مصادر إخبارية أخرى.
جنبلاط: أرى حروبا كبيرة في المنطقةأعرب الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن تشاؤمه مما هو قادم، مشددا على أهمية وحدة لبنان وإمكان العبور إلى الضفة والهروب من تداعيات العالم الجديد وصراعاته.
اقرأ أكثر »
حافظ بشار الأسد ينشر تفاصيل جديدة حول 'ليلة عائلة الأسد الأخيرة' في سوريانشرت حسابان يحملان اسم حافظ الأسد ابن الرئيس السوري السابق بشار الأسد على منصتي 'إكس' و'تيلغرام' منشور يتضمن تفاصيل جديدة حول 'ليلة نظام الأسد الأخيرة' وسيطرة المسلحين على دمشق.
اقرأ أكثر »
حساب «حافظ الأسد» على «إكس» يروي تفاصيل هروب الأسرة من دمشقنشر حساب موثَّق على المنصة يمتلك اسم «حافظ الأسد» تفاصيل عن اللحظات الأخيرة قبل سقوط النظام السوري وهروب الأسرة إلى موسكو.
اقرأ أكثر »
حافظ بشار الأسد يكشف تفاصيل هروب عائلته إلى موسكونجل الرئيس السوري السابق حافظ بشار الأسد أكد في فيديو نشره الأربعاء ملكيته لحسابين على منصتي إكس وتلغرام، ووصف أحداث هروب عائلته إلى موسكو في ديسمبر 2012. وذكر حافظ بشار في سلسلة تدوينات نشرها على حساب إكس أن الهروب لم يكن مخططا له مسبقا، وأن الوضع في دمشق كان مقارنةً اقل شراسة من فترات سابقة
اقرأ أكثر »
«القوات» يتهم «الممانعة» بعرقلة تأليف الحكومة اللبنانيةرأى الرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط أن «إسرائيل هي المستفيد الأول من عدم تشكيل الحكومة في لبنان».
اقرأ أكثر »
«طالبان» تُعلن وصول خان محمد لأفغانستان ضمن صفقة تبادل سجناء مع أميركاقال حافظ ضيا أحمد، نائب المتحدث باسم وزارة خارجية «طالبان»، إن الأفغاني خان محمد وصل إلى أفغانستان الثلاثاء، بعد الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل سجناء مع أميركا.
اقرأ أكثر »