نشر الباحثان اللذان كشفا عن مجزرة التضامن، التي لقيت تفاعلا واسعا، تفاصيل حول الفيديو الذي كشفاه مؤخرا لصحيفة الغارديان، وتضمن مشاهد دموية ومروعة لإبادة جماعية
في شهر نيسان من العام 2013، قام فرع المنطقة التابع لشعبة الاستخبارات العسكرية، والمعروف أيضاً بالفرع 227، بقتل أكثر من 280 مدنياً اقتيدوا إلى أحد أحياء دمشق المعزولة، وتم إعدامهم واحداً تلو الأخر في مقبرة جماعية كانت قد أُعدت مسبقاً. وأثناء توثيقهم للمجازر بتصويرها، لم يتوانَ الجناة عن أخذ لقطات تذكارية مروّعة. لم يكن من المفترض أن يتم تداول هذه المقاطع، ولكنّ مصدراً مقرباً منهم قام بتسريب هذه الفيديوهات لنا.
ومع انطلاق التظاهرات في مختلف أحياء دمشق في ربيع العام 2011، شهد حي التضامن احتجاجاتٍ سلمية قصيرة ومتفرقة افتقرت إلى التنظيم في كثير من الأحيان، إذ انقسمت حركة الاحتجاج فعلياً وفقاً للبعد المناطقي للجماعات المنظِّمة. في لحظة معينة، كانت هناك ثلاث تنسيقيات مختلفة في الحي. والحال كان شبيهاً بين التجمعات الموالية للأسد، حيث انقسمت بدورها إلى ميليشيات متنافسة. بالمحصلة، قُسّمت المنطقة في النهاية إلى ما لا يقل عن ثلاث عشرة منطقة عسكرية منفصلة ، يسيطر عليها أمراء حرب مختلفون.
في شهر شباط من العام نفسه، شنت فصائل المعارضة هجوماً مُنسّقاً واسع النطاق على كفر سوسة من جهة الجنوب ومن جوبر في جهة الشرق، ولو قُدِّرَ لهذا الهجوم النجاح لأصبحت القوات المُهاجِمة في مواجهة مباشرة مع أفرع المخابرات الرئيسة للنظام في كفرسوسة. وعلى الرغم من فشل الهجوم، إلا إن شبح الهزيمة المحتملة كان قد بدأ يلوح في الأفق بشكلٍ جدي، والأهم من ذلك أن خطوط المواجهة قد وصلت إلى حي التضامن.
في فيديو آخر، يظهر أمجد يوسف وهو يقود الجرافة التي تحفر المقبرة الجماعية بعمق ثلاثة أمتار. تم قصف الشارع الذي وقعت فيه المجزرة في وقتٍ لاحق، ليبدو المشهد وكأنه دمارٌ شاملٌ جراء القصف والتفجير والاشتباكات. تظهر ثقوب الرصاص على الجدران، فيما تبدو الأجواءُ خلال الفيديو هادئة بدون أصوات للحرب أو القصف أو الاشتباكات؛ هدوءٌ لا تقطعه سوى أصوات طلقات النار التي تستهدف الضحايا، بالإضافة إلى الدخان المتصاعد من فوهات بنادق القتَلَة.
ست من الضحايا النساء السبع اللواتي يظهرنَ في التسجيل كُنَّ يرتدين الحجاب والمعطف، اللذين يميزان النساء المسلمات التقليديات. هؤلاء النسوة كُنّ يقتلن بوحشية وعدائية لا يبديها القتلة تجاه ضحاياهم من الرجال. بشكلٍ مفاجئ تصرخ إحدى النساء صرخة استغاثة، ولكن نداءها لم يصل إلى أذني قاتلها، بل أجابها قائلاً: «قومي ولك شرموطة»؛ يسحبها من شعرها ويلقي بها في الحفرة مُطلِقاً عليها النار. تصرخ امرأتان صرخة خوف وهلع، ليقوم أمجد بركلهما نحو الحفرة وقتلهما، فيما الأخريات واجهنَ مصيرهنّ بكل صمت.
بدأنا بالمقطع الرئيس لعمليات الإعدام، وكان هناك دليلٌ واحدٌ جيد على الوقت الدقيق للمجزرة، فأحد ملفات الفيديو حمل ختماً زمنياً يُشير إلى 16-4-2013. إلا أن التحديد الدقيق لموقع القتل كان أكثر صعوبةً، فقد حُفِرَت المقبرة الجماعية في شارع ضيّق نسبياً، يشير طابعه الحضري وهندسته المعمارية إلى أنه مكانٌ ما من ضواحي دمشق، ولكن من غير الواضح إن كان في غوطة دمشق الشرقية أو في ضواحيها الجنوبية.
كانت المقابلة الثانية أكثر إفادةً وإثارةً للاهتمام. تحادثنا في وقتٍ متأخرٍ من الليل. كان أمجد على أريكةٍ في منزله، يرتدي قميصاً داخلياً ، يدخن بشراهة، ويحتسي مشروباً ما بينما يتناول وجبةً خفيفةً من الخيار. أخبرنا أنه ولد عام 1986 في قرية نبع الطيب العلوية في منطقة الغاب وسط غرب سوريا، على بعد 70 كيلومتراً إلى الشمال الغربي من مدينة حماة. وهو الابن الأكبر لعائلة مكونة من عشرة أخوة وأخوات تربوا جميعاً بشكلٍ صارمٍ على تكريم التراث الديني العائلي لجدهم الأكبر، الذي كان من الشيوخ العلويين البارزين.
تُخبرنا حساسية أمجد المفرطة لاستخدام كلمة «مخابرات» تحديداً ما يمكن أن يكتب عنه مجلداتٌ عدة، فهذه الحساسية لا تدل على إنكار وجود المخابرات فحسب، ولكنها تعبّر أيضاً عن الطبيعة الحساسة والمحرمة لأجهزة المخابرات في سورية، فالحديث العلني عنها بالتأكيد ليس مسموحاً، لكنه تحدَّثَ عنها كما تحدَّثَ في أمور أخرى ذات طبيعة مُحرّمة كالطائفية. ربما كان هذا عائداً إلى تصور أمجد عن ذاته، فهو قبل كل شيء أوضحَ بشدة أنه لا يرى نفسه إلا «ابن المؤسسة».
لا تقل قدرة المخابرات السورية على المراوغة عن سلطتها، فهي الفاعل الأكثر قوةً في النزاع السوري. مع هذا فهي متعذرةٌ على البحث والدراسة، وسيكون السير في دمشق وطرح أسئلة عن هيكلية المخابرات وأفعالها وتأثيرها مهمةً انتحارية . يعمل موظفو المخابرات مستخدمين أسماء حركية أو ألقاب عامة مثل «أبو حيدر» أو «أبو علي» أو «أبو جعفر»، ويمنع منعاً باتاً التدلال عليهم.
آنّا: «حدثتني منذ فترة عن إصلاح المعتقلين في السجون، ولكنّ وسائل الاعلام تقول إن النظام السوري قتل المعتقلين في سجونه وارتكب مجازر بحقهم؟»جمال خ: «جوابي بسيطٌ جداً. لماذا آخذهُ إلى السجن وأقتله ثم أُتّهم بقتله؟ أنا أفضّل قتله على خط الجبهة وينتهي الأمر، فقد مات في معركة. إذا لم تكوني في مرمى نيراني ولكنك عدوتي وتدمرين بلدي، لماذا آخذك إلى السجن وأقتلك فيه ثم أتهم بقتلك؟ يطرح هذا السؤال كثيراً، ولكنه سؤال غبي.
قد يستخدم نجيب كلمة «معلم» لمخاطبة رئيسه المباشر أبو منتجب، ولكن يُحتمل أيضاً أن يستخدم الكلمة نفسها عندما يخاطب -أثناء اجتماعٍ ما- رئيس أركان قوات الدفاع الوطني في القصر اللواء بسام مرهج الحسن. يصعب تمييز بسام الحسن فائق السلطة، والملقب بـ«الخال»، عن أي شخص عادي، لكن لا يجب السماح للمظاهر أن تخدعنا، إذ إن «الخال» قادرٌ على تجاوز أي قرار بناءً على علاقة مقربة جداً تجمعه مع بشار الأسد.
بعد تشرين الثاني 2012، كان الضحايا يُؤخذون إلى مواقع محددة للإعدام، إما مشياً على الأقدام أو بالحافلات . ثم يُطلق النار عليهم واحداً تلو الآخر من الخلف، وتُحرق جثثهم حتى تصبح رماداً. وقد ظهرت هذه الطرق في القتل نتيجة حاجة جناة الحرب إلى طمس جرائمهم، والتخلّص من جثث الضحايا المكدسة في الشوارع. وعلى إثر ذلك، أسس كل أمير حرب موقعه الخاص للقتل. أدار أمجد واحداً، ولكن تفيد العديد من الشهادات التي أُخذت من الحي بأنّ شخصاً مثل «إبراهيم ح.
المملكة العربية السعودية أحدث الأخبار, المملكة العربية السعودية عناوين
Similar News:يمكنك أيضًا قراءة قصص إخبارية مشابهة لهذه التي قمنا بجمعها من مصادر إخبارية أخرى.
مجزرة التضامن.. الغارديان تنشر تفاصيل استدراج مجرم حرب سورينشرت صحيفة 'الغارديان' البريطانية تقريرًا تحدّثت فيه عن تفاصيل إستدراج ضابط سوري ارتكب جرائم حرب في بلاده، بعد أن شاهد مجند بأحد الميليشيات السورية سرًّا مقطع ف
اقرأ أكثر »
جنرال كولومبي يعترف بمسؤوليته عن مجزرةاعترف جنرال كولومبي متقاعد بمسؤوليته عن مقتل أكثر من 100 مدني بأيدي جنود تحت إمرته قدموا الضحايا على أنهم سقطوا أثناء القتال.
اقرأ أكثر »
مجزرة التضامن.. الغارديان تنشر تفاصيل استدراج مجرم حرب سورينشرت صحيفة 'الغارديان' البريطانية تقريرًا تحدّثت فيه عن تفاصيل إستدراج ضابط سوري ارتكب جرائم حرب في بلاده، بعد أن شاهد مجند بأحد الميليشيات السورية سرًّا مقطع ف
اقرأ أكثر »
مصر.. فصل مسؤول حكومي من منصبه بسبب فضيحة في برنامج تشرف عليه الرئاسةقضت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة في مصر بفصل مدير عام إدارة التأهيل بوزارة التضامن الاجتماعي، من الخدمة، وخصم أجر شهر من راتب أربعة من مساعديه بعد استلائهم على أموال.
اقرأ أكثر »
جنرال كولومبي يعترف بمسؤوليته عن مجزرةاعترف جنرال كولومبي متقاعد بمسؤوليته عن مقتل أكثر من 100 مدني بأيدي جنود تحت إمرته قدموا الضحايا على أنهم سقطوا أثناء القتال.
اقرأ أكثر »
تفاصيل طرح شركات الجيش المصري في البورصة بقرار من السيسيقال رئيس صندوق مصر السيادي، أيمن سليمان، إنه من المقرر أن يعقد اجتماع بعد عيد الفطر لشرح خطة عمل صندوق مصر السيادي والمشروعات الجديدة التي يعمل عليها الصندوق خلال الفترة المقبلة.
اقرأ أكثر »