مدينة بازل، التي يجتهد سكانها في عملهم للغاية، تحتل مرتبة متقدمة على قائمة أغنى المدن في سويسرا. وبوسعك إذا تعمقت في تأمل أحوالها قليلا بعيدا عن مظهرها السطحي، أن تجد مفارقات وتناقضات خادعة، تجعل منها مدينة ممتعة بشكل لا يخلو من هدف كذلك.
تقع بازل في نقطة تلتقي فيها سويسرا بألمانيا وفرنسا، وتمتد على منحدر ذي طابع ريفي موازٍ لنهر الراين
وتحدث الكثير من هذه المتع – حرفيا - تحت الأرض، وهو أمر يتسق مع مدينة ذات روابط تاريخية وثيقة مع المذهب البروتستانتي المعروف باسم"الكالفينية". ففي الأقبية الواقعة على طول الأزقة الممتدة خلف القلب التاريخي لبازل، تحتشد مجموعات من الأشخاص المولعين بالحياة الصاخبة، ممن يعرفون باسم"العُصَب"، شهرا بعد آخر للتحضير لكرنفال المدينة السنوي الصاخب الذي يستمر 72 ساعة.
ومن بين هذه القواعد، عدم السماح سوى للمنتمين لـ"العُصَب"، التي تحدثنا عنها من قبل، بارتداء الزي المُمَيِز للمشاركين في الكارنفال، فيما يُتوقع أن يرتدي المحتفلون الآخرون ثيابهم العادية. وتحترم هذه الاحتفالية الدقة السويسرية الشهيرة، إذ تنطلق في تمام الساعة الرابعة. ففي هذه اللحظة، تقطع شركة الكهرباء في المدينة، التيار عن كل أعمدة الإنارة في الشوارع، ليتألق القلب التاريخي لبازل فجأة، بأضواء آلاف من الفوانيس المصنوعة يدويا.
ومن بين من استُهْدِفوا مؤخرا بقصائد هؤلاء المُقنعين؛ الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. كما لم يسلم من انتقادهم قرار شرطة بازل، شراء سيارة تعمل بالطاقة الكهربائية. وتصف اليونسكو كارنفال بازل بأنه أشبه بـ"مجلة ساخرة ضخمة، تُستخدم فيها كل السبل الخطابية والبصرية، للسخرية من جميع العيوب والحماقات" التي شهدها العام السابق له.
ويُكَرس جانب كبير من هذه الأموال لدعم الفنون. فـ"متحف بازل للفنون" يشكل في واقع الأمر،"المتحف المدني الأقدم" في أوروبا بأسرها. ويعود الفضل لسلطات المدينة، في اقتناء المجموعة الرئيسية للأعمال الفنية التي يحتوي عليها هذا المكان. وقد أتيحت هذه المجموعة للجمهور، بُعيد شرائها عام 1661. بجانب ذلك، هناك مجموعات ضخمة من الأعمال الفنية لا تزال مملوكة لأفراد في بازل.
من جهة أخرى، تجسد الطرُز المعمارية المعاصرة، جانبا آخر من جوانب شغف بازل وسكانها، بالجمال وتفاصيله. فبوسعك إذا تجولت في المدينة وضواحيها، زيارة مبانٍ صممها ما لا يقل عن 10 من الفائزين بجائزة بريتزكر، التي تُمنح سنويا لأحد المعماريين البارزين ممن هم على قيد الحياة. وتضم قائمة هؤلاء، فرانك جيري وزها حديد، بجانب مكتب"هيرتسوغ ودي مورون" المعماري، الذي يتخذ من بازل مقرا له.
وعلى الجانب الأيمن من الميدان، يقبع مبنى متحف العمارة السويسرية. ويقول مديره روبي إن المكان يتحول في الليل إلى حانة مفتوحة بفعل تدفق الطلاب عليه ليلا بزجاجات النبيذ والجعة الخاصة بهم. وبينما كان روبي يتأمل المشهد، جاء صبي وملأ قارورته البلاستيكية من صنبور النافورة. لكن ليس ذلك بغريب على أي حال، فمياه نوافير بازل، ليست منعشة فحسب، وإنما صالحة للشرب أيضا.
المملكة العربية السعودية أحدث الأخبار, المملكة العربية السعودية عناوين
Similar News:يمكنك أيضًا قراءة قصص إخبارية مشابهة لهذه التي قمنا بجمعها من مصادر إخبارية أخرى.
فيروس كورونا 'يحطم' آمال غوغل ببناء مدينة ذكية في تورونتوشركة 'سايدووك لابس'، التابعة لشركة غوغل، تتخلى عن خطة بناء مدينة ذكية في كندا بسبب غموض الوضع الاقتصادي الناجم عن أزمة جائحة فيروس كورونا.
اقرأ أكثر »
'الداخلية': اعتماد لائحة الحد من التجمّعات التي تسهم في تفشي كوروناالداخلية: أي تجمع للمتسوقين أو العاملين داخل أو خارج المحل التجاري بما يتجاوز الأعداد المنصوص عليها في الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية، العقوبة ( 5.000) ريال عن كل شخص زاد عن الأعداد المنصوص عليها بما لا يزيد عن ( 100.000) ريال.
اقرأ أكثر »
ترامب: لا أعتقد بأن الصين تسببت في تفشي كورونا عمداحمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الجمعة، الصين مجددا المسؤولية عن الوقوف وراء تفشي فيروس كورونا المستجد 'كوفيد-19' مرجحا هذه المرة أن بكين تسببت في الجائحة دون تعمد.
اقرأ أكثر »
زيارة بوتين للصين في الخريف لا تزال على جدول الأعمالأعلن السفير الروسي لدى الصين أندريه دينيسوف، أن الخطط الأولية للزيارة الرسمية للرئيس فلاديمير بوتين، للصين في أوائل الخريف المقبل لا تزال قائمة.
اقرأ أكثر »