أميركا ليست وحدها نيوليبراليّة، لكنّ نيوليبراليّتها تجد رمزها في رئيسها الحالي ونهجه، أي في مواجهة المشكلات بالامتداح الذاتي وبتسفيه المؤسّسات وبتخطئة العلم وبشعبويّة التغريدات وبالحلول العاجلة المتناقضة التي تودي بكثيرين إلى الموت - حازم صاغية
لنتوقّف عند بعض الأرقام التي أوردها بيرني ساندرز في مقالة نشرتها «نيويورك تايمز» الأحد الماضي: 40 مليوناً يعيشون في فقر، و87 مليوناً هم إمّا غير مضمونين أو مضمونون جزئيّاً، ونصف مليون مشرّد بلا بيوت. الفقراء، في أميركا وفي سواها، هم الأقلّ قدرة على ممارسة الحجْر المنزليّ، وبالتالي الأكثر تعرّضاً للإصابة. الفقراء السود يتصدّرون القائمة اليوم. عشرات الملايين يخسرون عملهم وكثيرون منهم يخسرون ضمانهم الصحّيّ.
مطالع القرن التاسع عشر، رأى دي توكفيل أنّ التجربة الأميركيّة تتميّز عن مثيلاتها الأوروبيّة في أنّ الأميركيين ولدوا متساوين فيما الأوروبيّون اضطُرّوا أن يناضلوا لبلوغ المساواة. أغلب الأميركيين كانوا ملّاكين صغاراً لا تغريهم الأفكار الثوريّة، مكتفين بالحفاظ على ملكيّاتهم. في وقت لاحق، ولدت الرأسماليّة الصناعيّة بعيداً عن البؤس والوحشيّة اللذين اتّسمت بهما الثورة الصناعيّة البريطانيّة. نظريّة توكفيل هذه كثيراً ما استخدمت في تفسير الضعف الذي اتّسمت به الحركات الثوريّة في أميركا.
الحياة الحزبيّة أيضاً ذهب استقطابها بعيداً جدّاً. مؤخّراً، قال ثلاثة أرباع الجمهوريين إنّهم يصدّقون ما يقوله الرئيس بصدد «كورونا»، وقال 92 في المائة من الديمقراطيين إنّهم لا يصدّقونه. الإجماعات الوطنيّة باتت رقعتها ضيّقة: الإجماع الذي تبلور بعد 11-9 صدّعته حرب العراق، والإجماع الذي نشأ بعد أزمة 2008 الماليّة ما لبث أن تحوّل انشطاراً عميقاً في الموقف من الحلّ: عبر دور أكبر للدولة أو عبر دور أصغر. الجمهوريّون ازدادوا تجذّراً من خلال جماعة «حفلة الشاي».
ثمّ هناك أزمة الآيديولوجيا الأميركيّة، إذا صحّ التعبير، والتي تعمل باتّجاهين: إبّان البحبوحة وفي لحظات الانتصار، يُمجّد «النجاح» ويُحتفى بـ«أمّة المهاجرين». إبّان الأزمات الكبرى، الاقتصاديّة وغير الاقتصاديّة، يحصل العكس. معاملة اليابانيين في الولايات المتّحدة، خلال الحرب العالميّة الثانية، باتت وصمة. معاملة المسلمين بعد 11-9 وصمة أخرى. تعامل الأميركيين فيما بينهم كان فضيحة: الوشاية فاقت كثيراً ما كانته إبّان مكارثيّة الحرب الباردة.
المملكة العربية السعودية أحدث الأخبار, المملكة العربية السعودية عناوين
Similar News:يمكنك أيضًا قراءة قصص إخبارية مشابهة لهذه التي قمنا بجمعها من مصادر إخبارية أخرى.
خارجية أميركا عن صورة ظريف والأسد: هذا ما قدمته إيران!الخارجية_الاميركية : منذ العام 2012، قدَّم النظام الإيراني أكثر من 10 مليارات دولار من أموال الشعب لبشار الأسد والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: كم من الأموال المنهوبة قدَّمها مداهن المرشد (محمد جواد ظريف )، إلى دمشق؟ العربية
اقرأ أكثر »
طلبية شراء طائرات حربية من أميركا تفجّر خلافات داخل حكومة ألمانيالا يشغل الحكومة الألمانية أكثر من أزمة واحدة منذ أسابيع؛ هي مواجهة وباء «كورونا»، إلا إنه في الأيام الماضية أثار موضوع آخر خلافات داخل الحكومة الائتلافية، على خلفية وعد قدمته وزيرة الدفاع الألمانية أنغريت كرامب كارنباور لنظيرها الأميركي مارك إسبر بشر
اقرأ أكثر »
تسجيل 1433 وفاة بكورونا في أميركا خلال 24 ساعةسجّلت الولايات المتّحدة مساء الإثنين وفاة 1433 شخصاً من جرّاء فيروس كورونا المستجدّ خلال 24 ساعة، في
اقرأ أكثر »
تأخر دول أميركا اللاتينية في اعتماد تدابير وقائية ينذر بتفشٍ واسع لـ{كوفيد ـ 19»بعد التحذيرات المتكررة التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية في الأيام الأخيرة، من تداعيات صحية خطيرة لتفشّي «كوفيد - 19» في أفريقيا والشرق الأوسط، عادت لتنبّه مجدداً إلى أن منطقة أميركا اللاتينية والكاريبي مقبلة على مرحلة من الانتشار الواسع للوباء، ودعت
اقرأ أكثر »
مواد معقمة من «كورونا»تسبب حالات تسمم في أميركااستخدام المواد المنظفة والمعقمة للوقاية من فيروس كورونا أدت إلى إصابات عديدة في أميركا بالتسمم، حيث زادت الاتصالات بمراكز معالجة حالات التسمم الأميركية لإصابات تتعلق بماء الجافيل والجل المطهر، بنسبة 20 في المائة، حسب تقرير أعدته المراكز الأميركية لمر
اقرأ أكثر »
أثرياء أميركا يهربون من كورونا إلى ملاجئ فاخرة بنيوزيلندافيما يزداد عدد الإصابات والوفيات الناجمة عن فيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة، تمكّن عدد من كبار الأثرياء والأغنياء فيها من الهرب إلى نيوزيلندا للاختباء في مخابئهم الفاخرة.
اقرأ أكثر »