العيدُ في الأدب الحديث مقالات_الرياض dr_fahadalbakr
أبدع الشعراء والكتّاب قديماً في وصف العيد، واستقباله، والأنس بهلاله، ولو تأملنا في نصوصهم الشعرية والنثرية لهالنا جمالها، وتدفقها، والحق أن عواطفهم فيها كانت حائرة بين تفاؤل واستبشار، أو تشاؤم وانكسار، وإن كانت بهجة الأعياد، ومظاهر الفرح والسرور هي الأكثر حظاً، والأغزر حضوراً، ولو أردنا الاستشهاد بنصوص من إبداع الشعراء، أو الناثرين لعز علينا الأمر، ثم إننا أردنا أن نخصص هذا المقال لمعنى العيد في الأدب الحديث؛ ذلك أنه -من وجهة نظرنا- ما زال أقل تأثيراً وحضوراً.
فأما صورة العيد في الأدب الحديث فإننا لا يمكن أن نتوقف عندها دون أن ننطلق من أديبين كبيرين هما: مصطفى لطفي المنفلوطي ، ومصطفى صادق الرافعي ؛ ذلك أنهما أفردا للعيد كلاماً مستقلاً، وتأملاه بشكل فلسفي، فتفاعلا معه تفاعلاً مختلفاً عن أقرانهم ومجايليهم، بل إنهم جددوا في معاني العيد، وأتوا بما لم يأتِ به الأقدمون الذين كان العيد عندهم -في أغلب الحالات- شاهداً، أو دليلاً، أو صورة رمزية، أو إشارة عابرة، أو أثراً مرتبطاً بالمخاطب، أو الممدوح بقصد التمليح والاستئتناس؛ لذلك كان المنفلوطي، والرافعي مختلفين...
فأما المنفلوطي فقد صور بعض معاني العيد في كتابه بشكل حكائي من طرفي نقيض، يقول مثلاً: «إن ليلة العيد لا تأتي حتى يطلع في سمائها نجمان مختلفان: نجم سعود، ونجم نحوس، فأما الأول فللسعداء الذين أعدوا لأنفسهم صنوف الأردية والحُلل، ولأولادهم اللعب..
وأما الرافعي فقد توقف عند العيد في كتابه بشكل أكثر عمقاً، حيث وضع له عنواناً جميلاً وهو ، وبدأه بشكل يتناغم مع مجي العيد، يقول: «جاء يوم العيد، يومُ الخروج من الزمن إلى زمنٍ وحدَهُ لا يستمرُّ أكثرَ من يوم، زمنٌ قصيرٌ ظريفٌ ضاحك.. يومُ السلام، والِبْشر، والضَّحك، والوفاء، والإخاء، وقول الإنسانِ للإنسان: وأنتم بخير. يومُ الثيابِ الجديدة على الكل؛ إشعاراً لهم بأن الوجهَ الإنسانيَّ جديدٌ في هذا اليوم. يوم تعُمُّ فيه الناسَ ألفاظ الدعاء والتهنئة مرتفعةً ..
وفي الشعر الحديث تظهر تفاصيل العيد عند غير شاعر، كما عند نزار قباني في قصيدته التي مطلعها ، كما نلمس بعض أجواء العيد في بعض الروايات المعاصرة كما في رواية لمحمد جبريل، حيث ورد فيها هذا النص مثلاً: «العيد كنا نشم رائحته قبل أيام من قدومه..»، والنماذج على حضور العيد وبهجته في نصوص الأدب الحديث أكثر من أن يضمها مقال واحد.