تُسلّط هذه المقالة الضوء على دراسة الأطباء البريطانيين، التي كشفت عن العلاقة القوية بين التدخين وسرطان الرئة. وتتبع التطور التاريخي لهذه الدراسة، من أولى الأبحاث في عام 1950 إلى نتائجها الصادمة في العقود القليلة الماضية.
لوحِظت منذ النصف الأول من القرن العشرين، زيادة هائلة في عدد الوفيات ب سرطان الرئة في العالم الغربي، تزامنًا مع ظهور السجائر الجاهزة.
غيّرت آلة بونساك هذا الواقع، إذ أدت إلى انخفاض كبير في تكلفة التصنيع، مما سمح بزيادة الإنتاج على مدار الساعة، وبالتالي جعل التدخين في متناول الجميع بتكلفة زهيدة.لكن هذا التوسع تزامن مع ارتفاع ملحوظ في عدد حالات سرطان الرئة منذ عام 1900، خاصة في بريطانيا. وانحصرت الشكوك في عاملين رئيسيين: التلوث أو التدخين، الذي كان يشهد طفرة غير مسبوقة بسبب ابتكار بونساك.
تم وضع مجموعة من الأطباء تحت البحث، لكون جمع البيانات منهم كان أسهل، فيما عُرف لاحقًا بـ "دراسة الأطباء البريطانيين".استقبل الأطباء المشاركون استبيانات دورية على مدى طويل امتد حتى عام 2001. لم يكن بإمكان دول وهيل أن يتخيلا أن البحوث حول دراستهما ستستمر لخمسين عامًا، لكنها ترسخت مع مرور الوقت، وأصبحت تعتمد على براهين علمية قوية وبيانات شاملة ومتوازنة يمكن الاستفادة منها في المجال العلاجي.
في السنوات الأخيرة، بدأ المرض في الظهور بين فئات عمرية أصغر، لكن الأرقام تشير إلى أن متوسط العمر عند تشخيص سرطان الرئة لا يزال في حدود 70 عامًا، كما أن انتشاره نادر بين من هم دون سن 35 عامًا. وتشير البيانات إلى أن 10% فقط من الحالات تُسجَّل لدى من هم تحت سن 55 عامًا، مع ميل لاكتشاف المرض في مراحله المتقدمة لدى الفئات الأصغر سنًا، مما يقلل من فرص نجاتهم، وفقًا لموقع "فيري ويل هيلث" الأمريكي.
بدأت السجائر في غزو المجتمعات منذ أواخر القرن التاسع عشر، ومع دخولها إلى أسواق جديدة، تصاعدت الحملات الإعلانية والترويجية لها بشكل مكثف، مما أدى إلى زيادة كبيرة في الإنفاق على دعاية السجائر، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، بالتوازي مع ارتفاع استهلاكها.ولا يزال التدخين يشكل مشكلة صحية كبرى حتى يومنا هذا، إذ تظل التوقعات المستقبلية قاتمة، خاصة في ما يتعلق بقدرة البلدان النامية على تحقيق هدف "جيل بلا تدخين".
حتى الآن، الإحصائيات غير مشجعة ولا يوجد ما يشير لانحسار ذلك الوباء قريباً في ظل نمو السكان العالمي وغياب الإجراءات المنسقة الشاملة التي تنفذ بفاعلية وفي ظل عدم الحد من تأثير كلِ من حملات التسويق الشرسة وجماعات الضغط كفئة تستفيد من الدفاع عن مصالح تجار التبغ. كانت الأرجيلة مع الشبك من الأدوات الأساسية الأولى التي استخدمها العالم الشرقي في تدخين التبغ قبل اختراع السجائر المصنعة، مقارنةً بالغليون في الغرب، الذي تم نقله إلى هناك عبر السكان الأصليين في أمريكا.
سعت أوروبا لزراعة التبغ في أراضيها، وانتشر التبغ في جميع أنحاء العالم بعد فترة قصيرة بفضل البحارة البرتغاليين والأسبان الذين كانوا يبحرون عبر البحار حاملين سلعة التبغ. وتوسعت تجارة التبغ أيضًا مع حملات الاستعمار التي شملت مناطق مختلفة من العالم، إلا أنه لم يصبح منتجًا شعبيًا إلا بظهور السجائر في صورتها الحالية.
ويُروى أن من بين أقدم فتاوى تحريم التدخين تلك التي صدرت في المغرب، حيث وصلت "تلك العشبة الخبيثة المسماة تبغة"، كما ورد في كتاب "نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي"، في عهد السلطان أحمد المنصور. لم يستحسن الملك البريطاني انتشار التبغ في المجتمعات، حتى أنه استنكر كيف أخذ الأوروبيون هذه العادة عن الأمم الأصلية في أمريكا. بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين حذر من عواقب التبغ على الرئتين، ومن تأثير الدخان التراكمي الناتج عن التدخين في الأماكن المغلقة، والذي يتناثر في البيئة المحيطة.
لا تزال السجائر مشتعلة بين الأصابع هنا وهناك، رغم تأكيد العلم الآن بأنها مميتة. تصفها التقارير العلمية بأنها مسبب السرطان الظاهر والمرئي، الذي ندرك أنه يمكن الوقاية منه، لكننا نستمر في إنفاق المال مقابله ويتابع أبو هلالة: "ينتج النيكوتين تأثيرات مرضية في الدماغ، لكنها مؤقتة مما يجعلك ترغب في إشعال سيجارة أخرى وكلما دخنت زاد احتياجك للنيكوتين".
وأضاف أنه وفي السيناريو المتفائل، يحتاج المريض 12 أسبوعاً للتعامل مع أعراض النيكوتين الانسحابية وخفض مستوياته بالدم.
سرطان الرئة التدخين دراسة الأطباء البريطانيين التلوث الأوبئة التبغ
المملكة العربية السعودية أحدث الأخبار, المملكة العربية السعودية عناوين
Similar News:يمكنك أيضًا قراءة قصص إخبارية مشابهة لهذه التي قمنا بجمعها من مصادر إخبارية أخرى.
الروبوتات الجراحية في مصر: بين التوسع والقلقتثير خطط وزارة الصحة المصرية لتوسع استخدام الروبوتات الجراحية جدلاً كبيرًا بين الأطباء ورجال الصحة, وهناك قلق من أن يؤدي ذلك إلى تقليل الاعتماد على الأطباء.
اقرأ أكثر »
روسيا.. تركيب مواد ذات خصائص مضادة للسرطاننجح علماء جامعة تومسك التقنية في الحصول على مركبات عضوية جديدة قد تصبح أساسا لإنتاج أدوية لعلاج سرطان البروستاتا وسرطان المبيض وسرطان الثدي.
اقرأ أكثر »
حوافز مالية فعالة لمساعدة النساء الحوامل على الإقلاع عن التدخينتُظهر دراسة حديثة إجراءات فعّالة لمساعدة النساء الحوامل على الإقلاع عن التدخين. ينصح الباحثون بتبني هذه البرامج في أماكن العمل والعيادات والمجتمع.
اقرأ أكثر »
دراسة: تزايد معدلات اكتشاف اضطراب فرط الحركة لدى الكباركشفت دراسة حديثة عن زيادة تشخيصات اضطراب فرط الحركة بين البالغين بنسبة 15% خلال السنوات الثلاث الماضية، فيما ظلت معدلات الإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وفرط النشاط بين المراهقين مستقرة.
اقرأ أكثر »
دراسة: حوافز مالية تزيد فرص الإقلاع عن التدخينكشفت دراسة جديدة أجرتها جامعة إيست أنجليا عن طريقة واعدة يمكن أن تزيد من فرص المدخنين، خاصة النساء الحوامل، في الإقلاع عن التدخين نهائيا. وجد فريق البحث، الذي حلل 48 دراسة شملت 21900 مشارك، أن المدفوعات النقدية والقسائم أو استرداد الأموال المودعة من قبل المشاركين كانت من بين الحوافز الأكثر فعالية لزيادة فرص الإقلاع عن التدخين، خاصة في أماكن العمل أو العيادات أو البرامج المجتمعية.
اقرأ أكثر »
دراسة: التدخين يزيد من خطر سن اليأس المبكرأظهرت دراسة جديدة أن النساء المدخنين أكثر عرضة لدخول سن اليأس قبل سن 45 عامًا.
اقرأ أكثر »